ألحقت الحرب أضراراً جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي وكبّدت مختلف القطاعات خسائر فادحة، منها ما لا يمكن معالجته لسنوات حتى لو توقفت الحرب غداً. اذ أن ما أفسدته صواريخ حزب الله التي هجرت أكثر من 250 ألف مستوطن من جهة، والاستنزاف المستمر للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة من جهة أخرى، أنتجت واقعاً لم يشهده الكيان من أكثر من 50 عاماً بعد أن قدرت الخسائر بما يزيد عن 68 مليار دولار، واهتزت ثقة المستثمرين داخل الكيان، اذ أن تل أبيب نفسها لم تعد آمنة.
يجمع الاقتصاديون الإسرائيليون على رداءة الوضع الاقتصادي في كيان الاحتلال. وعلى الرغم من أن هواجسهم المتزايدة تأتي على شكل همسات في الجلسات المغلقة، يترقب هؤلاء أزمة مالية قد تكون قريبة متسائلين عن مدى استعداد الكيان للتعامل معها خاصة إذا ذهب الوضع الإقليمي إلى مزيد من التعقيد.
لا يرى الاقتصاديون أزمة مالية بتعريفها الكلاسيكي المعتاد، بل هي أزمة “على الطريقة الإسرائيلية” بحسب توصيف الصحفية في ذا ماركر، ميراف أرلوزوروف، وهي “فقدان ثقة المستثمرين في إسرائيل يعني هروباً جماعياً من الشيكل وسندات الحكومة الإسرائيلية، مما يتسبب في انهيار الأسواق”.
عن كيفية ولادة هذه الأزمة، تشرح الصحيفة أن ذلك نتيجة لعجز الميزانية وتضخم الدين الوطني، مما يجبر الدولة على بيع المزيد من السندات لتمويل الدين. تؤدي الزيادة في المعروض من السندات إلى انخفاض الأسعار، أي ارتفاع العوائد. يؤدي انخفاض أسعار السندات وارتفاع العائدات عليها إلى أضرار مزدوجة:
أولا، تسبب العوائد المرتفعة نفسها أضراراً اقتصادية جسيمة، ارتفاع أسعار الفائدة، وخسائر فادحة في سوق رأس المال، والركود، والبطالة، والإفلاس، وفي نهاية المطاف تضر أيضا باستقرار البنوك.
ثانياً، قد تصل العائدات المرتفعة إلى نقطة حيث يتوقف المستثمرون عن شراء السندات، إما لأنهم يتوقعون المزيد من الانخفاض في الأسعار، أو لأنهم يخشون أن الدولة لن تكون قادرة على تمويل ديونها وأن تكون على بعد خطوة من الإفلاس. عندما لا يكون هناك مشترون لسندات بلد ما، فإنها تنهار
تجتمع الظروف المؤاتية لحصول هذه الأزمة في ظل الوضع الأمني المعقد وهو الأسوأ منذ 50 عاماً، إضافة لفشل حكومة الاحتلال بالتعامل مع تفاقم المشكلات حتى فيما يتعلق بالموزانة للعام القادم.
من ناحية أخرى، فإن المستوطنين الذين لمسوا عجز حكومتهم بالتعامل مع ما يحدث، او إيقافه عن طريق التوصل لوقف إطلاق النار، هاجر بعضهم بينما نزح بعضهم الآخر وينتظر الآخرون طردهم من العمل اذا استمرت الازمة الاقتصادية متسارعة النمو.
يقول أحد المستوطنين أنه بفعل الصواريخ التي يطلقها حزب الله والتي تستهدف مناطق واسعة في الجليل، نحن في حالة سيئة جداً. ويضيف في حديثه إلى صحيفة معاريف العبرية، أن هناك “نقص خطير في القوى العاملة. جميع المنظمات التي عملت معها والتي كانت ترسل الشباب إلى للعمل مقابل رسوم لم تعد على استعداد لإرسالها”. ويضيف “تحول 90% من بساتيننا إلى مناطق عسكرية مغلقة، و10% أخرى في منطقة تم إخلاؤها”.
كما أن “معظم المزارع لم تتلق المياه لعدة أشهر. هذه أضرار اقتصادية هائلة، إضافة للضرائب على الأملاك دون ان يكون هناك فكرة عن الحلول”.
وتنقل الصحيفة عن أحد مستوطني الشمال “أصعب شيء هو رؤية غابة جبال نفتالي محترقة بالكامل ولم أستطع فعل أي شيء، لأن التعليمات كانت عدم الاقتراب. منذ بداية شهر أيار/ مايو، كنت في إحباط. أنت تطفئ غابة وتأمل أن ينتهي الحريق، وفي اليوم التالي غابة أخرى تحترق”. موضحاً “لا أجرؤ حتى على التفكير في عمل إعادة التأهيل، لأنني ما زلت لا أرى حتى البداية أو النهاية. أنا بطبيعتي شخص متفائل، لكنني سأقول بصراحة أن الحرب هنا لم تبدأ بعد”.
شاهد أيضاً
نتنياهو وحكومته يجهزّون للمرحلة المقبلة من الحرب: التحضير للاستيطان وضم شمال القطاع
المصدر: هآرتس المؤلف: ألوف بن دخلت إسرائيل في المرحلة الثانية من الحرب في …