من بين 378 عامل إغاثة قُتلوا في جميع أنحاء العالم منذ 7 أكتوبر، قُتل أكثر من 75 بالمائة منهم في غزة أو الضفة الغربية، وفقاً لقاعدة بيانات أمن عمال الإغاثة. وكان عدد الضحايا العاملين في المجال الإنساني الذين قُتلوا في الأراضي الفلسطينية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2023 أعلى من أكثر الأعوام دموية تم تسجيلها على الإطلاق بالنسبة لعمال الإغاثة.
أصبحت الهجمات الإسرائيلية على منظمات الإغاثة الإنسانية روتينية، على الرغم من الأنظمة المعمول بها لتجنب الوفيات الإنسانية. ومن خلال عملية تسمى ” فض النزاع” ، تنسق منظمات الإغاثة مع الأطراف المتحاربة لتجنب التعرض للهجوم. وتشمل آليات “فض النزاع” الشائعة التي تستخدمها منظمات الإغاثة في غزة وضع علامات واضحة على ممتلكاتها، وترتيب تحركاتها مع السلطات الإسرائيلية، ومشاركة موقعها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن بحسب معهد responsible statecraft هناك نمط مثير للقلق ظهر مؤخراً: إذ تقوم مجموعات الإغاثة بمشاركة إحداثياتها مع السلطات الإسرائيلية، ثم تتعرض للهجوم من قبل الجيش الإسرائيلي على نفس الإحداثيات.
وفي فبراير/شباط، قال كريستوفر لوكيير، الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود، لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن “هذا النمط من الهجمات إما متعمد أو مؤشر على عدم الكفاءة”.
وفيما يلي قائمة غير شاملة لـ 14 هجوماً إسرائيلياً على مواقع معروفة لعمال الإغاثة، تم أخذها من تقارير إعلامية وبيانات منظمات وتحقيقات مستقلة. وكانت التقارير التي نشرتها صحيفة نيويورك تايمز وهيومن رايتس ووتش ذات قيمة خاصة، تم تجميع هذه القائمة من قِبل الكاتب ستيفن سملر من معهد responsible statecraft وبحسب الكاتب “أخطرت منظمات الإغاثة السلطات الإسرائيلية بموقعها وتحركاتها، وكانت مركباتها أو مرافقها تحمل علامات واضحة على أنها منظمات إنسانية، وكانت تعمل في كثير من الأحيان في “مناطق آمنة” حددتها إسرائيل، لكنها تعرضت للهجوم من قبل القوات الإسرائيلية. ولم تحمّل إدارة بايدن إسرائيل مسؤولية أي من هذه الحوادث الـ14″.
-18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 : هاجمت القوات الإسرائيلية قافلة مكونة من خمس مركبات تحمل علامات واضحة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود، مما أسفر عن مقتل اثنين من موظفي المنظمة. وكانت المنظمة قد نسقت حركة القافلة مع السلطات الإسرائيلية واتبعت المسار الذي حدده جيش الاحتلال الإسرائيلي. ولم ير موظفو المنظمة أي أهداف عسكرية في المنطقة عندما تعرضوا للهجوم. وطلبت منظمة أطباء بلا حدود توضيحاً من الجيش الإسرائيلي لكنها لم تتلق أي رد.
-8 كانون الأول/ ديسمبر 2023 : أطلقت البحرية الإسرائيلية النار على منشآت تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في رفح بقذائف مدفع عيار 20 ملم، مما أدى إلى إتلاف الجانب الغربي من المبنيين. وكان مسؤولو الأونروا قد شاركوا إحداثيات المبنيين مع المسؤولين الإسرائيليين مراراً وتكراراً، بما في ذلك في نفس يوم الهجوم. وقال موظفو الوكالة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم لم يكونوا على علم بأي أهداف عسكرية في المنطقة. وبعد ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم نُفذ عن طريق الخطأ.
-16 كانون الأول/ ديسمبر 2023 : أطلقت دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي عدة طلقات نارية على دير راهبات الأم تريزا (مبشرات المحبة)، وهو جزء من مجمع رعاية العائلة المقدسة الكاثوليكية في غزة. وأدى الهجوم إلى نزوح 54 شخصاً معاقاً كانوا يحتمون هناك، وترك بعضهم بدون أجهزة التنفس الصناعي “التي يحتاجها بعضهم للبقاء على قيد الحياة”، حسبما قالت بطريركية القدس في بيان.
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني المتبادلة بين هيئة الإغاثة الكاثوليكية وموظفي مجلس الشيوخ الأميركي والتي حصلت عليها بوليتيكو أن هيئة الإغاثة الكاثوليكية (وهي واحدة من أكبر منظمات الإغاثة المسيحية العاملة في غزة) قدّمت إحداثيات المبنيين لموظفي مجلس الشيوخ، الذين نقلوا هذه المعلومات بعد ذلك إلى الجيش الإسرائيلي. وأكد الجيش علمه بموقع المبنيين اللذين طلبت هيئة الإغاثة الكاثوليكية حمايتهما. كما قدمت مجموعة الإغاثة صوراً جوية للمنشأتين مباشرة إلى السلطات الإسرائيلية. وقالت كنيسة البطريركية اللاتينية في القدس إنها شاركت إحداثيات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الخاصة بها مع الجيش الإسرائيلي عدة مرات قبل الهجوم.
-28 كانون الأول/ ديسمبر 2023 : أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار على قافلة من مركبات المساعدات التابعة للأمم المتحدة في وسط غزة أثناء عودتها من توزيع المساعدات في الشمال. وكانت المركبات تحمل بوضوح شعار الأمم المتحدة، وكانت تسير على طريق حدده الجيش الإسرائيلي، وقد نسقت خططها مع السلطات الإسرائيلية مسبقًا.
-8 كانون الثاني/ يناير 2024 : أطلقت دبابة إسرائيلية النار على ملجأ واضح المعالم تابع لمنظمة أطباء بلا حدود في خان يونس، والذي يضم أكثر من 100 موظف وأفراد عائلاتهم، مما أسفر عن مقتل فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات . وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد أخطرت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بموقع الملجأ. ونفت القوات الإسرائيلية إطلاق النار على الملجأ، ولكن تم العثور على بقايا قذيفة دبابة إسرائيلية الصنع خارج المبنى مباشرة.
-18 كانون الثاني/ يناير 2024 : ضربت غارة جوية إسرائيلية مجمعاً سكنياً يضم موظفين من لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) ومنظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين (MAP) في المواصي، أدى الانفجار إلى إصابة العديد من العمال وإلحاق أضرار جسيمة بالمبنى. ونتيجة لذلك، اضطر ستة من العاملين في مجال الطوارئ الطبية إلى ترك مناصبهم، وعلق جراحو لجنة الإنقاذ الدولية ومنظمة المساعدة الطبية للفلسطينيين عملهم في المستشفى. تشير الأدلة الجنائية إلى أن الذخيرة المستخدمة في الهجوم كانت قنبلة MK-83 أمريكية الصنع تزن 1000 رطل، ورد أنها أسقطتها طائرة إف-16 أمريكية الصنع. الضربة، طمأن الجيش الإسرائيلي صراحة موظفي الإغاثة من خلال رسائل نصية بأنهم آمنون. وجاء في رسالة من مسؤول في جيش الاحتلال الإسرائيلي: “نحن على علم بموقع المجمع”.
قدمت إسرائيل ستة تفسيرات مختلفة – وكثيراً ما كانت متضاربة – للهجوم. فقد قالت إنها لم تكن تعمل في المنطقة؛ وقالت إنها كانت تحاول ضرب هدف بجوار مجمع MAP-IRC؛ وقالت إنها لم تكن قنبلة في الواقع بل قطعة من جسم الطائرة. وقالت القوات الإسرائيلية لصحيفة نيويورك تايمز إنها لم تضرب الموقع على الإطلاق.
– 31 كانون الثاني/ يناير 2024: قصفت القوات الإسرائيلية مكاتب وكالة التنمية البلجيكية “إينابيل”، مما أدى إلى تدمير المبنى بالكامل . وكانت منظمة هانديكاب إنترناشيونال، وهي منظمة غير حكومية، لديها مكاتب في نفس المبنى. وقالت وزيرة الخارجية البلجيكية إن السلطات الإسرائيلية “كانت تعلم أن مكاتب إينابيل تقع في هذا المبنى”. وفي وقت سابق من ذلك اليوم، أعلنت الحكومة البلجيكية أنها لن تعلق تمويل الأونروا، بعد أن ادعت الحكومة الإسرائيلية دون دليل أن موظفي الأونروا شاركوا في مذبحة 7 أكتوبر.
وفي منتصف فبراير/شباط، ادعت القوات الإسرائيلية أنها لم تقصف مبنى “إينابيل”، لكنه دُمر عندما فجرت المبنى المجاور له لسبب عسكري غير محدد.
-5 شباط/ فبراير 2024 : قصفت السفن الإسرائيلية قافلة تحمل علامات واضحة للأونروا، مما أدى إلى إتلاف إحدى شاحنات المساعدات. توقفت القافلة عند نقطة احتجاز إسرائيلية عندما تعرضت للقصف. كانت الأونروا قد نسقت حركة القافلة مع السلطات الإسرائيلية. ونتيجة للهجوم، اضطرت الأونروا إلى إيقاف عملياتها في شمال غزة لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً، مما أثر على 200 ألف شخص. واعترفت السلطات الإسرائيلية لاحقاً بالهجوم وقالت إنها وضعت “تدابير وقائية” لمنع وقوع حادث آخر. وفي الشهر التالي، منعت الحكومة الإسرائيلية الأونروا من تقديم أي مساعدات غذائية لشمال غزة.
-20 شباط/ فبراير 2024 : قُتل اثنان من أفراد أسرة أحد موظفي أطباء بلا حدود عندما أطلقت دبابة إسرائيلية قذيفة على ملجأ أطباء بلا حدود. وأصيب سبعة آخرون، معظمهم من النساء والأطفال. وكان علم أطباء بلا حدود كبيراً وواضحاً على جانب المبنى. ولم تقدم القوات الإسرائيلية لأطباء بلا حدود أي تحذير قبل الهجوم ولا أي تفسير بعده.
-9 آذار/ مارس 2024 : قُتل أحد موظفي Anera في منزله مع ابنه البالغ من العمر ست سنوات والعديد من الجيران في غارة جوية إسرائيلية. تم تسجيل المبنى لدى الجيش الإسرائيلي باعتباره “موقعًا حساسًا”. تُظهر سجلات البريد الإلكتروني أن Anera شاركت مراراً وتكراراً إحداثيات وصور ملجأ الموظفين مع الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك قبل أيام من الضربة. من المرجح أن تكون ذخيرة موجهة بدقة قد استخدمت في الهجوم.
-1 نيسان/ أبريل 2024 : أدت عدة ضربات دقيقة بطائرات بدون طيار إسرائيلية على قافلة تابعة لمنظمة World Central Kitchen (WCK) إلى مقتل سبعة عمال إغاثة، بما في ذلك مواطن أمريكي. كانت المجموعة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها قد نسقت مسارها مع الجيش الإسرائيلي مسبقاً. قال مؤسس WCK خوسيه أندريس إن القوات الإسرائيلية استهدفت زملاءه “بشكل منهجي، سيارة تلو الأخرى”. تدعم الأدلة الجنائية ادعاء أندريس. قال أندريس: “لم يكن هذا مجرد موقف سيئ الحظ حيث” أوبس” أسقطنا القنبلة في المكان الخطأ”، مشيرًا إلى حقيقة أنها كانت قافلة إنسانية واضحة المعالم بشعارات WCK الملونة على أسطح المركبات، والمسافة 1.8 كيلومتر بين السيارة الأولى والثالثة في القافلة، لكل منهما. وأضاف: “كان من الواضح جداً من نحن وماذا نفعل”.
-9 نيسان/ أبريل 2024 : أفادت التقارير أن شاحنة مساعدات تحمل علامات واضحة تابعة لمنظمة اليونيسف تعرضت لإطلاق نار من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي جنوب حاجز صلاح الدين. وكانت المركبة متوقفة عند نقطة توقف عندما أصيبت بعدة رصاصات قادمة من اتجاه الحاجز الإسرائيلي. وكان جيش الدفاع الإسرائيلي قد وافق على القافلة مسبقًا. ونفى الجيش الإسرائيلي أن يكون جنوده قد أطلقوا النار.
-27آب/ أغسطس 2024 : تعرضت قافلة تابعة لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لإطلاق نار بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية عند جسر وادي غزة. وعندما اقتربت المركبات من نقطة التفتيش بعد الحصول على تصاريح متعددة للمضي قدماً، فتحت القوات الإسرائيلية النار، فأصابت إحدى مركبات برنامج الغذاء العالمي عشر مرات على الأقل. وأصابت عدة رصاصات نوافذ المركبة، أعلى شعار الأمم المتحدة وشعار برنامج الغذاء العالمي المطبوعين على الأبواب الجانبية. وألقى المسؤولون الإسرائيليون باللوم على” الخطأ في الاتصال”.
-29آب/ أغسطس 2024 : أدت غارة جوية إسرائيلية على قافلة مساعدات تابعة لـAnera إلى مقتل أربعة فلسطينيين أثناء توجهها إلى مستشفى الهلال الأحمر الإماراتي. وقد تم تنسيق المسار والموافقة عليه من قبل السلطات الإسرائيلية. ويزعم المسؤولون الإسرائيليون أن السيارة الرئيسية التي هاجمها الجيش الإسرائيلي كانت تحمل العديد من الأسلحة، لكن لم يكن هناك ما يشير إلى وجود أسلحة. ولم يقدم الجيش الإسرائيلي أي تحذير لـAnera قبل تنفيذ الهجوم.
على الرغم من التنديدات الدولية الواسعة، فضلاً عن الضغط الدبلوماسي، الذي من شأنه زيادة عزلة الكيان الدولية، لا يزال سلوك الكيان وآلة القتل الموجهة ضد عمّال الإغاثة العاملين في منظمات عالمية عريقة مستمر حتى الآن. ومن الواضح أن الاستهداف المتكرر على مدى11 شهراً يحصل بشكل مقصود وممنهج، وما إخطار المنظمات قبل أي حادثة لإحداثيات مواقعهم لجيش الاحتلال إلا دليل على ذلك.